فشل أميركا وباكستان في أفغانستان نجاح لروسيا وايران

Ahmed Quraishi
3 min readDec 9, 2018

--

أحمد القريشي

حرب التغريدات بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان استمرار لتبادل اللوم والاتهامات بين الحليفين القديمين على خلفية الحرب الدائرة في أفغانستان منذ سبعة عشر عاما. انهيار الثقة بين الحليفين يفيد القوى الإقليمية المنافسة التي تريد أن تزداد الخلافات بين واشنطن وإسلام أباد، من جهة، وأن تخرج أفغانستان من نفوذ باكستان وأميركا، من جهة أخرى.

ثمة محور جديد بدأ يبرز في أفغانستان، وهو محور روسيا، الهند، وإيران. وهو محور يفضل أن تتحول أفغانستان الى مستنقع يبلع موارد وطاقات أميركا وباكستان في حرب استنزاف تنتهي بخروج أفغانستان من تحت العباءتين الأميركية والباكستانية.

ويبدو أن هذا المحور اقترب اكثر من هدفه مع التراشق بين ترمب وخان على تويتر هذا الاسبوع، وهو تراشق يتمركزعلى تبادل الاتهامات حول من يتحمل مسؤولية إطالة أمد الحرب الأفغانية.

إذاً، لدينا مسألتين: التراشق الأميركي-الباكستاني، والمحورالروسي-الهندي-الإيراني المستفيد من هذا التراشق.

الرئيس ترمب كان يتحدث في لقاء مع فوكس نيوز الأحد المنصرم عن فشل الرؤساء السابقين في أفغانستان وكيف أنه أفضلهم. كان كل الحديث حول السياسة الأميركية الداخلية، الا أن ترمب انتقل فجأة الى أفغانستان ومنها الى اختفاء أسامة بن لادن في باكستان، ومنها الى “البلايين التي اعطيناها لباكستان التي لم تفعل لنا شيئاً قط.”

هنا، عاجله رئيس الوزراء خان بعدة تغريدات، ليرد ترمب بتغريدتين، لتبدأ حرب ألكترونية تهوي بالعلاقات الثنائية الى هوة سحيقة.

ولا يبدو أن ترمب تعمد هذه المرة إثارة أزمة مع باكستان. ترمب كان ربما يرمي في مرمى الرؤساء السابقين، لكن استخدامه باكستان كشماعة لم يعد أمرا يحتمله الباكستانيون. لذا سارع خان بتذكيره بتضحيات باكستان في وقوفها مع الحروب الأميركية في المنطقة.

‎ترمب كان لاذعا في انتقاده وكذلك كان عمران خان. والحقيقة أن كلا البلدين ضحى بالكثير كما وارتكب أخطاء كثيرة. فباكستان تقوقعت وانعزلت عن واشنطن والعالم بعد أن نجح الإثنان في هزم الشيوعية، وفشلت إسلام أباد في أن تواصل وتزيد من نفوذها في واشنطن والذي كان قوياً إبان الحرب الباردة.

لكن أيضاً يبقى سؤال خان: كيف تنهزم أميركا في أفغانستان في وجود ٢٤٠ الف جندي من الناتو و١٢٠ الف جندي أفغاني وموازنة حرب مقدارها تريليون دولار؟

وسارع فوراً الديبلوماسيون الأميركيون والباكستانيون لإحتواء تداعيات أزمة حرب التغريدات. كما خرج المتحدث بإسم البنتاغون العقيد روب ماننغ في اليوم التالي ليدافع عن العلاقات بين البلدين، مؤكداً أن التعاون العسكري الثنائي لا زال قوياً وأنه لم يتغير بعد التصريحات المتبادلة بين سياسيي البلدين. وكانت الخارجية الباكستانية استدعت القائم بالأعمال الأميركي لديها وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، للمرة الثانية في عام، وهو أمر غير مسبوق في علاقات البلدين.

هذا التلاسن عبر تويتر بين زعماء أميركا وباكستان لا شك قوبل بالنشوة في نيودلهي وطهران ربما حتى موسكو لأن المواجهة الأميركية الباكستانية تحسن من فرص هذا المحور في أفغانستان.

باكستان وأميركا لعبتا دورا رئيسياً في هزيمة الروس في أفغانستان بدعم خليجي عربي غربي. غير أن ذلك النجاح التاريخي مهدد الآن في أفغانستان يتكالب عليها الروس والهنود والايرانيون في ظل تناطح وضعف أميركي باكستاني.

ودورهذا المحور الروسي الهندي الإيراني ليس ايجابيا. فقد تسبب هذا المحور في إطالة أمد الحرب الأفغانية بعد أن انتهت بهزيمة الاتحاد السوفييتي وانهياره في ١٩٩١. ونجح المحور في إشعال وإطالة أمد حرب أُهلية استمرت حتى ٢٠٠١.

والمحور الآن يدير حرب استنزاف في أفغانستان تقتل جنود أميركا وباكستان وأفغانستان، لتبدأ بعدها هذه الدول الثلاث بتبادل اللوم والشتائم وتنشغل بتسديد الحسابات والحروب عبر تويتر بينما تستولي إيران والهند على أفغانستان، بدعم صامت من الدب الروسي.

الروس يريدون استنزاف أميركا والانتقام من الهزيمة في الحرب الباردة (التي كانت فيها أميركا وباكستان حلفاء). إيران تستهدف أميركا وباكستان (والأخيرة كانت حليفة للشاه وساءت العلاقة بعد تولي آيات الله السلطة). الهند فهدفها باكستان طبعاً لكن أيضاً أميركا بشكل غير مباشر، إذ رغم أجواء التعاون مع أميركا ثمة إشكالات عدة في الكواليس تجارية وسياسية، وهذا موضوع جانبي يطول.

وقد أخطأ الرئيس ترمب عندما وافق، وإن على مضض، على إعطاء الهند (وتالياً إيران، يا للعجب!) استثناء من العقوبات لميناء جابهار الإيراني الذي تبنيه نيودلهي وطهران بالإشتراك. وأمضى الديبلوماسيون الهنود أسابيع وهم يتوسلون من إدارة ترمب هذا الإستثناء، وحصلوا عليه بعدما أقنعوا بعض المسؤولين الأميركيين بأن الميناء يخدم أميركا في أفغانستان. والحقيقة هي أن الميناء جزء من مشروع المحور المناهض الهادف لإقتلاع أفغانستان من المخيم الأميركي، كمثل العراق الذي كاد يخرج بل خرج جزء منه من المحور الأميركي لولا تدارك الأمر، أو بعضه.

في المحصلة، النزاع ‘التويتري’ بين شخصيتين قويتين تقود إحداهما أميركا والأخرى باكستان قد يبدو مسلياً من بعيد، الا أنه يضر بالبلدين، فيما يعزز محور روسيا والهند وإيران مواقعه في أفغانستان.

احمد القريشي صحافي وباحث باكستاني، مقدم برنامج تلفزيوني، ومدير معهد باكستان في القرن واحد والعشرين، في إسلام أباد.
@aqpk18

aq@projectpakistan21.org

--

--

Ahmed Quraishi

Journalist with an eye for stories hiding in the grey area between national security, changing societies, and human rights in the MENA region.